سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح - الملك سيف
الحميري؛ قيل: اسمه (معد يكرب)؛ ولد، ونشأ في مدينة صنعاء، وفيها مات مقتولاً. من ملوك العرب، ودهاتهم في الجاهلية. اختلطت سيرته بالكثير من الأساطير، إلا أن معظم المؤرخين أجمعوا على أنه ذهب إلى قيصر الروم، وشكا إليه ما أصاب اليمن، على يد الأحباش، الذين ملكوه في أوائل القرن السادس الميلادي بغزو عسكري؛ فأزالوا دولة الحميريين، وأغرقوا ملكهم (ذا نواس الحميري)، الذي كان قد اعتنق اليهودية، وغالى في إبادة ما عداها من أتباع الديانات، وأحرق أهل الأخدود، فلم يلتفت إليه القيصر، بسبب تعاطفه مع الأحباش المسيحيين، وسخطه لأصحاب الأخدود، فقصد صاحبُ الترجمة (النعمانَ بن المنذر) -ملكَ الحيرة بالعراق- الذي أوصله إلى كسرى (أنوشروان) ملك الفرس، فأخبره بأمره؛ فأرسل كسرى معه قرابة ثمانمائة فارس، كانوا في سجونه، وأمَّر عليهم شريفًا: اسمه (وهرز)، فذهبوا إلى (الأبلة) غرب مدينة البصرة، وركبوا البحر في ثمان سفن، غرقت منها اثنتان بما فيها، ووصلت السفن الأخرى إلى ساحل عدن، وقيل: ساحل حضرموت، فعرف الناس بالأمر؛ فأقبلوا يناصرونهم. ولما علم (مسروق بن أبرهة الأشرم)، ملك الحبشة على اليمن آنذاك، أعد عدته، والتقى الجيشان، فقُتل (مسروق)، وتشتت الأحباش، ودخل (سيف) بمن معه صنعاء، وعاد (وهرز) إلى فارس، بعد أن مكن الملك (سيف) مِن مُلْكِ اليمن؛ على أن يدفع جزية، وخراجًا معلومًا يؤديه كل عام، وقيل: إن (وهرز) قُتِل، فخلفه (سيف) على إمارة الجيش، واتخذ من قصر (غمدان) مقرًّا له، فجاءت وفود العرب، وأمراؤهم؛ تهنئه بالنصر، وجاء وفد (قريش) بزعامة (عبد المطلب بن هاشم) جد الرسول صلى الله عليه وسلم، وخطب خطبته المشهورة، فأدنى الملك مجلسه، وقيل -في الأساطير: إنه بشره بنبوة محمد، صلى الله عليه وسلم. وكان في وفد قريش (أمية بن أبي الصلت)، الشاعر الذي وقف بين يدي الملك، وأنشده قصيدة طويلة، منها: لا يطلب الوتر إلا كابن ذي يـــزن في البحر خيم للأعداء أحـــوالا حتى أتى ببني الأحرار يقدمهـــم تخالهم فوق متن الأرض أجــبالا لله درّهمُ من فتية صـــــبروا ما إن رأيت لهم في الناس أمــثالا بيضٌ مرازبة غلبٌ أســــاودةٌ أسد تربت على الغيضان أشــبالا فالقط من المسك إذا شالت نعامتهم وأسبل اليوم في برديك إســبالا واشرب هنيئًا عليك التاج مرتفعًـا في رأس غمدان دار منك محـلالا وقد مكث في الملك خمسًا وعشرين سنة، وقيل: عشرين، وكان قد أبقى على بعض الأحباش؛ رحمةً بهم، واستعملهم خدمًا له، فتآمروا عليه وقتلوه. |