(( التباكي ودموع النفاق السياسي ))
بقلم ابوحمدي الدبيشي
الذين يأبو الاَّ البكاء الدائم على ماكان والشكوى المسيلة للدموع مما هو كائن ومما يجب أن يكون حتى ولو كان الحاضرأفضل من الماضي يعد بمستقبل مهما بدت تحديات مخيفة إلاَّ أنه بالتأكيد سيكون أفضل من الحاضر لو أحسنا التعامل معه بروح وإرادة الفريق الواحد بعيداً عن الكراهية ولأحقاد الدامية والمدمرة للمودة والأخوة اليمنية المتكونة عبر التاريخ ولن يكون الأسواء إلاَّ في حالة واحدة اذا تعاملنا معه كأطراف متشاكلة ومتخاصمة ومتناحرة ومتقاتلة بدافع الإستبدال المجنون للطموح المشروع بالطمع الذي لامشروعية له الذي يسمي الأشياء بغير مسمياتها ويضع علامة الخطاء فوق الصواب وعلامة الصواب فوق الخطاء إمعاناً في الإثارة ولإستثارة اللا مسؤلة المجردة من الإحساس بروح الأخوة اليمنية المقدسة والكابحة للجنون الناتج عن التهور وماينطوي عليه من المغامرات الدافعة للجميع إلى الهلاك ، وحتى نكون صادقين ومنصفين لبعضنا البعض ونحن بصدد البحث عما هو مطلوب من التصالح عبرالحوار الجاد الذي لايصادر حقنا في الإختلاف، ولا يلغي حقنا في الوحدة ولا يؤثرعلى حقنا في التعاون بين أبناء الوطن والشعب اليمني الواحد لابد من الحرص على ابعاد خلافاتنا عن ثلاث صفات ذميمة وقبيحة تنزلنا منزلة المنافقين الذين لا أمانة لهم ولا مصداقية ولا تسامح طبقاً لما نص عليه حديث الرسول الأعظم القائل للمنافق ثلاث صفات هي:
1- إذا أؤتمن خان وهل من الأمانة وعدم الخيانة القول بأن الماضي أو ماقبل الوحدة والديمقراطية كان في جنوب الوطن وشماله أفضل من الحاضر الذي نعيشه رغم مساوئه ؟
2- إذا حدث كذب وهل من المصداقية القول بأن الحل يستوجب العودة إلى ماقبل الوحدة والديمقراطية؟
3- إذا خاصم فجر وهل اللجوء الى ثقافة الكراهية وتحريض اليمنيين على النيل من بعضهم البعض لايمثل الفجور في الخصومة؟
المستعدون لهذا النوع من السلوك هم منافقون لايستحقون شرف المواطنة اليمنية وقدسيتها بحكم ماهم عليه من سلوكيات انتهازية وبراعة في قلب الحقائق وبحكم مالديهم من قدرة على دغدغة المواطن ولَي عنق الحقيقة لأن جيل الأباء والأجداد من أبناء الشعب اليمني سيقولون لهم لقد اخطأتم ورب الكعبة بحكم مالديكم من علم مسبق أن الأفضلية للحاضر برغم ماينطوي عليه من السلبيات والأخطاء مقارنة مع الماضي الذي لايشك أحد أن أخطاءه كانت بكل المقاييس أكثر من صوابه ولوكره المنافقون الذين يقولون عكس مايفعلون ويفعلون عكس مايقولون لا إيمان لهم ولا امانة، إن الأبناء والأحفاد من شبابنا الذين ولدوا في أحضان الوحدة والديمقراطية لا يعرفون حقيقة وطبيعة الحياة السياسية والإجتماعية المستبدة والمتخلفة لأنهم لايعلمون عن واقع ماقبل الوحدة والديمقراطية إلا الشيء القليل الذي يتعمد البعض تأويله وتخريبه وفقاً لما لديه من المخططات الهادفة إلى تنقية كل ماهو سالب من الممارسات القمعية من الذين فقدوا الثقة بأنفسهم وبقدراتهم على تحقيق مالديهم من الأطماع ربما لأنهم بحكم بقائهم الطويل في السلطة لايستطيعون التكيف مع ساحة المعارضة الطارئة عليهم فيما يعيشونه من الحاضر الأقل رفاهية من الماضي وما ينتظرهم من المستقبل المظلم غير الواعد بإشباع مالديهم من الأطماع والتطلعات ولأحلام الطائرة والطائشة التي اعتادوا على العيش على نعيمها بالأساليب والوسائل النفعية السهلة إلى درجة أفقدتهم روح المبادرة والإستعداد للتعب والتضحية في انتزاع النجاح المعبر عن الطموح الموجب لمواجهة الأقدار وركوب الأخطار وما يستوجبه من الإعداد والإستعداد الدائم الحركة والدائم المعرفة الباحثة عما هو صعب من النجاح المشروع دون الحاجة إلى النفاق السياسي والإرتهان الخارجي وما يوجبه عليهم من تعدد الألوان وتناقض المواقف والترويج لكل ماهو ذميم وقبيح من ثقافة الكراهية المبنية على قلب الحقائق وتشويه المواقف بأساليب إنتهازية مقيتة وكاذبة تتنافى مع أبسط القيم الوطنية والمفاهيم الإسلامية ذات المُثل والمبادئ الأخلاقية النبيلة الداعية إلى الإنسجام والتناغم بين الأقوال والأفعال السياسية المبنية على الوضوح وجدية المسؤلية الوطنية المجردة من أي نوايا عدوانية تظهر غير ماتبطن من الخداع الأقرب الى ثقافة الكراهية وتراكم الأحقاد وما يترتب عليها من توسيع لأزمة عدم الثقة والقطيعة بين أبناء الوطن الواحد والشعب الواحد وقد تدفعهم إلى صراعات ونزاعات عشائرية وقبلية ومناطقية ومذهبية تقود الجميع إلى حرب اهلية كارثية تأكل الأخضر واليابس وتلتهم كل مالديهم من الطاقات والإمكانات في دروب هامشية لاعلاقة لها بالمتطلبات الملحة ذات الصلة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية الكفيلة بتغليب الكفاية على الحاجة والوحدة على التمزق والفرقة ،والتعاون والحب على التنافر والكراهية المثيرة للأحقاد ،
إن الذين يكثرون من النفاق والدجل السياسي ومن البكاء على الماضي لايمكن وصفهم بأنهم أصحاب قضية وطنية شمالية أو جنوبية بقدر ماهم أصحاب مصالح انانية وأحقاد دفينة لامبادئ لهم ولا قضية ولاقيمة ، هدفهم زج البلاد في أتون حرب اهلية يعتقدون خطأً أنهم في مناى عن تداعياتها السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمستفيدين من تلك التداعيات الدامية والمدمرة لأنهم حفنة من المنافقين الأغبياء الذين لايجدون ذاتهم إلاَّ فيما يسببونه من تعاسة لأخوانهم المدافعون عما هو مكفول لهم من الحقوق والحريات الدستورية والقانونية ، غايتهم العدوانية إقلاق الأمن والإستقرار والسكينة العامة وكأنهم يصرون خطأً أنهم أصحاب حقوق بلا واجبات تلزمهم تجنب المساس والإضرار بما لغيرهم من الحقوق يخلطون بين الممارسة الديمقراطية المنظمة وبين الممارسة الديمقراطية الفوضوية ويستخدمون حرية الرأي للإعتداء على حق الأخرين ومصادرة ماهو مكفول لهم من الحقوق والحريات والأراء التي تمنحهم حق الدفاع عن النفس لامحالة،
وهكذا يتضح مما تقدم أن مايعتمل في ساحة الوطن من المناكفات والمزايدات والإضطرابات الجماهيرية الفاضية وليدة تلك الأعمال غير الحريصة وغير المسؤلة من قبل حفنة من الذين يعتقدون انهم فريسة للضياع الذي افقدهم الثقة بأنفسهم وبقدراتهم على إنتهاج الأساليب المبدئية التي ترتقي إلى مستوى نبل الغايات بصورة بددت ماكان يعتمل من جدارات أيديولوجية قوية تمثل المبادئ والموانع التي تحول دون قيام التحالفات التكتيكية الهشة بين هذه الأيديولوجيات المتناقضة إلى حد التضاد والتنافر بين مجموعة من الأحزاب الأقرب الى الشمولية التقليدية منها الى اللبرالية المرنة والمعاصرة،
إن احساس الجميع بالحرمان من السلطة ناتج عن مضاعفة كراهيتهم لمن كان سبباً في ذلك الحرمان والفقر وعدم قدرتهم على الدخول في تسويات منفردة مع الحزب الحاكم الذي يمسك بكل سلطات الدولة ومؤسساتها دون منافس قد دفعهم إلى الإنقلاب على خلافاتهم القديمة وتكوين تحالفهم الإنتقامي المشترك الباحث عن قدر معقول من القوة الإنتخابية التنافسية الفاعلة في مجابهة حزب الأغلبية المريحة حيناً والساحقة معظم الأحيان أكدت أول وآخر عملية تنافسية انتخابية محلية ورئاسية أن المحصلة لم تكن بمستوى مانسجته من التطلعات ولأمال الكبيرة،
وبرغم إدراكها أن العلاقة التحالفية بين اطرافها المتناقضة إلى حد التضاد عمل مرتجل يفتقد الى الديمومة نظراً لما يحيط به من علاقة شكوك باطنية أقرب إلى المجاملة والنفاق السياسي منها إلى علاقة القناعة المبدئية الصادقة غير القابلة للإنتكاسات الطارئة لذلك نجدها تلجاء إلى تشجيع كل ماهو ذميم وقبيح من النزاعات والحركات المناطقية والجهوية والمذهبية ذات الأساليب التعبوية والوعود الرجعية المزينة للإنفصال والمحببة لثقافة الكراهية المدمرة لأوثق العلاقات الأخوية بين أبناء الوطن والشعب اليمني الواحد بصورة يتضرر منها الجميع ولا يستفيد من عواقبها الوخيمىة سوى الأعداء الممولين والمستثمرين: