تقع على بعد (50 كم ) إلى الشمال الغربي من مدينة صنعاء ، وتتبع محافظة عمران ، وهي من مدن المرتفعات الواقعة ضمن إقليم المناخ المعتدل ، ويرى بعض المؤرخين أن المدينة قد سميت باسم (ثلا بن لباخه بن أقيان بن حمير الأصغر ) ، إلا أن اسمها قد اشتق من ثلئ أي كثير المال ، ثم خففت إلى ثلا على الألسن وصارت معروفة بهذه الصيغة .
لقد اهتم الحميريون بالمدينة وحرصوا على التمسك بها للسيطرة على المناطق المجاورة ، لأنها من أهم المواقع الحصينة ، إذ تقع المدينة على ربوة مربعة الشكل أسفل السلسلة الجبلية الممتدة شرقا باتجاه سلسلة جبال كوكبان وحضور الشيخ ، ويطل عليها الحصن المنيع المعروف بحصن الغراب الذي يبلغ ارتفاعه ( 2960 م ) عن سطح البحر وهو بمثابة ملجأ حصين عند الحاجة وما زالت الآثار الحميرية كالمقابر الصخرية وبعض المخربشات على جوانبه إلى اليوم وقد وصفه احد الأدباء شعرا إذ قال :
أما رأيت ثلا في نصب قامته يبدو لنا من حضيض الأرض تكميشا
كأنة طائر هيأ قوادمــــــــــــه لان يطير ولما ينشر الريشــــــــــــــا
ولم تفقد المدينة أهميتها خلال العصور الإسلامية المتعاقبة فقد اهتم بها الولاة والحكام وقاموا بإنشاء العديد من المباني والمنشات الهامة داخل أحياء المدينة التي تقدر مساحتها بعشرين هكتاراَ وهي محصنة بسور من حجر يبلغ طوله (1162 م ) ويتخلله ستة وعشرون برجا متباينة الأشكال وفتحت فيه أربعه مداخل ، ثم دعت الحاجة إلى فتح المزيد منها حتى صارت تسعة مداخل .
والمدينة مقسمه على عدد من الأحياء أشار إليها الرحالة الأوروبي (ادوارد جلازر ) الذي زارها في (5 ديسمبر 1883 م) وذكر: أنها مدينة نظيفة جدا ذات شوارع نظيفة ومنازل عالية بنيت بأحجار مهذبة حمراء وصفراء .
إن مدينة ثلا تعد أنموذجاَ رائعا من نماذج المدن الإسلامية من حيث التخطيط العام والطرق ومواد البناء أو من حيث منشاتها المعمارية سواء الدينية منها التي بلغت (25) منشأة موزعة ما بين المساجد والقباب الضريحية والمدارس أو من خلال العمائر المدنية كالسوق الذي يحتوي على (142) حانوتا متقاربة في أحجامها وأشكالها وموضوعة في صفين متقابلين ، أو منازل متعددة الطوابق مبنية بالأحجار المهندمة, وكذلك الحمامات العامة إلى جانب المنشات الحربية كالحصن والسور والأبراج ، فكل ذلك يقدم للزائر طرازا معماريا يمنيا متميزا مستمداَ من تراث معماري تتوارثه الأجيال منذ أكثر من أربعة آلاف عام وما زال قائما و محافظا عليه حتى اليوم ، إنها مدينه مليئة بالمعالم السياحية ,وغنية بتراثها الفني والمعماري .