الوحدة اليمنية ، و الديمقراطية ، و المجد التاريخي لليمن ، و الحس الحضاري للشعب اليمني ، و نزعته الى الحرية ، كل هذي المعطيات جعلت الآخرين يتآمرون على اليمن ، و خاصة عندما وجدت بين صفوفه ضعفاء النفوس ذوي النزعات الفردية ، و المصالح الشخصية الضيقة الذين جعلتهم أطماعهم الذاتية عملاء ، و خونة ، ولـ كي نستشف الأمور ، و نسبر الأغوار تعالوا لـ نقرأ ذي بدء معطيات تاريخية ، و سياسية ، فللسياسة وسائلها ، و غاياتها ، و لها توقيتاتها الآنية ( تكتيكية ) ، و الإستراتيجية بعيدة المدى ، و الآن في عمر الدول ، و الشعوب قد يصل إلى عقود من السنين ، أما الإستراتيجيات فـ ترسم لـ جيل بعد جيل ، و يخطئ من يعتقد إن السياسة ليس لها علاقة بـ التاريخ ، و الحقيقة إن السياسة هي التي تكتب التاريخ ، فـ السياسة أحداث ، و الأحداث هي التاريخ .
اليمنيون ، و التاريخ ..
هاجر اليمنيون منذ فجر التاريخ في موجات متعددة ، و في أزمنة مختلفة ، و إلى أمكنة مختلفة أيضا ، فمنهم من هاجر إلى شرق إفريقيا ، و أتجه شمالا نحو البحر الأبيض المتوسط ، و منهم من هاجر إلى الشام ، و هم الغساسنة ، و منهم إلى العراق ، و هم المناذرة الذين سرعان ما سقطت بـ أيديهم حضارة احفاد السومريين ، و منهم إلى نجد ، و الحجاز غير ان آخر من هاجر من اليمن الى نجد ، و الحجاز هي قبيلتي الأوس ، و الخزرج ، و هما ما سميتا بالأنصار الذين هاجر اليهم الرسول صلى الله عليه ، و سلم في يثرب ( المدينة ) فـ ناصروه ، وبهم تم فتح مكة المكرمة ، و بعد ذلك حمل اليمنيون لواء الإسلام في أرجاء المعمورة ، و حملوا الناس إلى الحق على بساط سيوفهم ، و سـ يظل التاريخ ، و المعالم الأثرية شاهدة بـ ذلك ، و ما القلاع في جنوب أوروبا ، و غيرها التي تحمل أسماء قادة يمنين عُظاما إلاّ من تلك الشواهد ، و إذا كان اليمنيين رُسلا للـ حضارة ، و الحق ، فـ قد شيد اليمنيون حضاراتهم اليمنية : سبأ ، و معين ، وقتبان ، و غير ذلك ، و هي الحضارة العربية الوحيدة ، " فقد يغيب عن الأذهان ان الحضارات في الدول العربية ترجع إلى أصول غير عربية كـ الحضارة الفرعونية في مصر ، و الرومانية - مثلا في الشام - و السومرية ، و غيرها في العراق " ، و الجدير بـ الذكر هنا هو ان الكثير من علماء الآثار الغربيون المتخصصون في الحضارة الفرعونية يرجحون احتمال أن تكون الحضارة الفرعونية إمتدادا طبيعيا للـ حضارة اليمنية ، و ذلك بعد إكتشاف موميات ، و جثث محنطة ، و أدوات تحنيط في محافظة إب بـ نفس الطريقة الفرعونية ، و قد ثبت علميا ان تلك الجثث المحنطة هي أقدم من مثيلاتها في مصر ، واذا كان الأمر هكذا فان ذلك من دواعي المؤامرات التي تحاك ضد اليمن ، واليمنيين على الدوام ، و خاصة بعد ثورة سبتمير الخالدة ، و كلنا نعرف حصار السبعين ، و حجم تلك المؤامرة ، و أطرافها .
خارطة اليمن السياسية ..
لو نظرت سياسا الى خارطة الجزيرة العربية ، فـ ستجد نمطين من الأنظمة السياسية ، وهما نمطان متنافران جمهوري في كل من اليمن ، و العراق ، و غير جمهوري في بقية دول الجزيرة العربية ( مجلس التعاون الخليجي ) ، و هذا ما أدى الى أحداث العراق - حتى لو كان ذلك بـ رغبة غير معلنة من قبل مجلس التعاون الخليجي ، وهذا ليس حديثنا الآن - ، و هذا أيضا ما يجعل انضمام اليمن الى مجلس التعاون الخليجي ضرب من المستحيل ، و قد أفصح بذلك أحد الكويتيون في مقابلة تلفزيونية ، و اذا كنتُ هنا محقا فيما أذهب اليه فـ ان هنالك الكثير من الأدلة على ذلك ، و أول تلك الأدلة هي الوحدة اليمنية التي لم تلق ترحيبا عند الوحدة الاّ من دولة قطر - و دولة قطر لها أسبابها السياسية التي تُقدر عاليا من قبل المواطن اليمني بصفة خاصة ، و من المواطن العربي يصفة عامة ، و تُقدر أيضا لما تواجهه جراء سياستها الناضجة - أما بقية دول مجلس التعاون الخليجي ، فـ قد أتى الاعتراف منها بـ الوحدة اليمنية بعد ذلك على استحياء ، و ثاني دليل هو عند الانفصال من قبل عملائهم ، و دليل آخر هو احتضانهم لـ أولئك العملاء كل حسب ما يحمل من أحقاد على اليمن ، و أبناء اليمن ، و لعل أكبر دليل على عمالة أولئك المتسولون انهم لم يمارسوا حقهم في المعارضة من الداخل ، و لم يحملوا ذات يوم شعار الاصلاح في كل المناحي السياسية ، و الادارية ، و المالية ، ومكافحة الفساد الذي يستشري في كل مفاصل الدولة ، و لم يستجيبوا لـ دعوة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح الى الحوار في كل شيء الاَّ الدعوة للـ انفصال ، وهم - قطعا - واهمون ، و أخيرا لعلها فرصة سانحة لـ حوار وطني شامل يتصالح فيه كل أبناء اليمن ، و يمدوا الأيادي معا نحو غد أفضل .
عبد الرزاق دخين .